إن مرحلة الاكتشاف هي المرحلة التي تعقب مرحلة التعارف التي تناولناها في المقال السابق (عرّف نفسك). فاذا ارتاح الطرفان لبعضهما في مرحلة التعارف، ينتقلان إلى المرحلة الثانية من تكوين العلاقات وهي مرحلة الاكتشاف. وهذه المرحلة من المراحل الجميلة في العلاقات ويمكننا أن نقول أنها ربيع العلاقة. وكما يقول محمود درويش في إحدى قصائده “لا أريد من الحب إلا البداية”.
في هذه المرحلة يركز الطرفان على العطاء وتقديم أفضل ما عندهما، وفعل ما يرغب به الطرف المقابل، لأنهما يسعيان إلى تكوين فكرة طيبة عن نفسهما. ويتم، في الوقت نفسه، غض الطرف عن أخطاء المقابل والتركيز على محاسنه. وتتمثل هذه المرحلة في فترة الخطوبة بين المخطوبين أو علاقة الصداقة في بداية تكوينها، أو الأسابيع الأولى في الوظيفة أو العمل أو الشراكة الجديدة.
يسيطر التفاؤل بنجاح العلاقة في هذه الفترة، والحماس باكتشاف الجوانب المجهولة في المقابل بسلبياته وإيجابياته، فضلا عن التركيز على النقاط المشتركة بينهما. وقد يبدأون بالوثوق ببعضهما شيئا فشيئا والرغبة في اطلاع الآخر على أسرارهما. حيث يكون سقف التوقعات عاليا.
إن مرحلة الاكتشاف مرحلة جميلة تقوم على حسن الظن في المقابل. ولكنها في الوقت نفسه يسهل فيها حدوث سوء الفهم بين الطرفين أو سوء التقييم، لأنهما يحاولان اكتشاف طريقة تفكير الآخر وطبائعه وسلوكياته، وقد يسيؤن تفسير بعض السلوكيات، ويصعب على الطرف الآخر أن يوضح كل ما يُساء فهمه ويقوم بتبريره.
كيف تتعامل في مرحلة الاكتشاف؟
إن مرحلة الاكتشاف مرحلة مهمة وحاسمة في مصير تكوين العلاقات، فاعتمادا على هذه المرحلة يقرر الشخص المضي قُدما في العلاقة أو إنهائها. وفيما يلي بعض الأمور في كيفية التعامل مع الطرف المقابل في هذه المرحلة:
1-كن كما أنت، لا تتصنع ولا تضع أقنعة. ليتمكن المقابل من معرفة حقيقتك وجوهرك، ومن ثم يتأكد من نفسه إن كان لديه القدرة لتقبلك كما أنت أم لا.
2- كن صريحا عندما يتعلق الأمر بحاجاتك وما تتوقعه من المقابل. كي يكون المقابل على بينة من هذه الحاجات وقدرته على سدها.
3- كن واضحا بصدد ما تستطيع تقديمه، ولا تعط وعودا للمقابل لا تستطيع الإيفاء بها، كي يبقي سقف توقعاته في حدود إمكانياتك، ويقرر وفقها تقبل ذلك أو إنهاء العلاقة.
4- تمهّل في وضع كل ثقتك في المقابل في هذه المرحلة. بل تدرّج فيه، وليكن مناسبا لمدة معرفتكما ببعض ولعمقها، فالثقة تحتاج إلى فترة من الزمن كي تُبنى وتصبح قوية.
5- لا تنبهر بكل ما تراه من المقابل من خصال تعجبك، فقد يظهر لك ما ليس فيه، ويغرقك بوعود لن يحققها لك.
6- لا تترك حماسك يغلبك، وتهرول إلى الطرف الآخر حتى لو وجدته متحمسا للتقرّب أيضا. فالعلاقات تحتاج إبقائها على نار هادئة لفترة من الزمن حتى تنضج. والاحتفاظ بمسافة بينك وبين الآخر كفيل باستمرار جمال العلاقة وبريقها.
7- لا تتنازل عن حقوقك الأساسية وأولوياتك ومبادئك من أجل إرضاء المقابل. فالتنازل رحلة لو بدأت فلا نهاية لها. فضلا عن أن العلاقات السعيدة والناجحة لا تُبنى على إسعاد طرف على حساب طرف آخر.
وأخيرا انصت جيدا إلى نفسك ومشاعرك، واختبر مشاعر المقابل أيضا، وتأكد منهما. ولا تتجاهل الإشارات التي تراها من هنا أو هناك. فقراءة هذه الإشارات وفهمها يساعدك على أن تفهم المقابل جيدا وتقرر على إثره استمرار العلاقة من عدمها. فالعلاقات الصحية هي التي تكون سببا في نمو الطرفين وتطورهما وإدخال السعادة والرضا إلى قلبيهما، حيث يسد كل منهما حاجة الآخر.
السلام عليكم اختي العزيزة د.سيوين ..
ما شاء الله ، مقال رائع واختيار متميز للعنوان والمحتوى
نفع الله بكِ وزادكِ علما وتألقا
LikeLiked by 1 person
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أشكرك أخي الكريم على كلماتك الطيبة، وأسعدني أن المقال نال إعجابك.
LikeLike