عرّف نفسك!

إن الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع أن يعيش منقطعا عن الآخرين، فيحتاج إلى التواصل والاحتكاك مع غيره من البشر. فيدخل معهم في علاقات شخصية طويلة المدى أو قصيرة. والعلاقات مثل النبتة لا تنتهي بمجرد زراعتها، فهي تحتاج إلى الرعاية والاهتمام إلى أن تتحول إلى شجرة مورقة، ترتاح تحت ظلالها من تعب الحياة وحرها.

 والعلاقات سواء كانت شخصية مثل علاقة الصداقة أو الزواج أو القرابة، أو مهنية مثل الزمالة أو العلاقة مع رئيس العمل أو المرؤوس أو الشريك. فجميعها تمر بأربعة مراحل، وهي: أولا مرحلة التعارف، فمرحلة الاكتشاف، ثم مرحلة الاختبار، وأخيرا مرحلة الاستقرار. وسنتحدث في هذا المقال عن المرحلة الأولى، وسنخصص المقالات القادمة لبقية المراحل بإذن الله تعالى.

مرحلة التعارف

تمر العلاقات بمرحلة التعارف، وقد يكون ذلك وفق موعد بين الطرفين أو يتم دون اتفاق مسبق. والانطباع الأول مهم جدا في هذه المرحلة، مع أن المظهر الخارجي والحركة الجسمية وتعابير الوجه مهم جدا. غير أن كلام الشخص وأسلوب حديثه ونبرة صوته، تقول أشياء كثيرة عن الشخص للمقابل. فكما ورد عن الإمام علي رضي الله عنه (تكلموا تُعرفوا، فالمرء مخبوء تحت لسانه). ووفقا للانطباع الذي يتركه الشخص لدى المقابل يقرر تكوين علاقة معه أم لا.

هذه المرحلة لا تكون طويلة في العادة، بل تنتقل إلى المرحلة التي تليها بعد التعارف، أو لن تكون علاقة من الأساس أي تنتهي بعد التعارف. غير أن بعض العلاقات قد تقف في هذه المرحلة، ويحدث ذلك في علاقات العمل أو الزمالة، بحيث تكتفي بالتعارف وتقف عنده. وقد يكون ذلك بسبب طبيعة العمل أو الأعراف التي لا تشجع على تطوير العلاقة.

كيف تعرّف نفسك وتعرف المقابل؟

قد يكون الشخص موفقا في التعريف بنفسه أو قد يفهمه المقابل بصورة مغايرة لما عليه في حقيقته. ومما يساعدك أنت والمقابل على معرفتكما لبعضكما أمور كثيرة، منها:

  • ابدأ بتعريف نفسك قبل أن تسأل المقابل عن معلوماته الشخصية. فمثلا تقول: (أنا اسمي عمر، فما اسمك أنت؟) أو (أنا من مدينة كذا، من أين أنت؟) وهكذا. فمن الكياسة أن تبدأ بنفسك أولا، وإلا ستبدو أسئلتك أسئلة تحقيقية غير ودية.
  • كن مبتسما. فالابتسامة تُشعِر المقابل بالأمان، وهذا الشعور يجعله ينفتح للحديث معك. فكما يقال (الابتسامة مفتاح القلوب).
  • كن عفويا ولا تتصرف بتكلّف، ولكن لا تبالغ في العفوية. فاتسم ببعض الرسمية في لقائك الأول. لأن المبالغة في العفوية قد يجعلك معرضا لسوء الفهم عند من يراك لأول مرة.
  • احذر من المزاح بكثرة. فلو كنت شخصا مرحا ولديك حس الفكاهة، لا بأس أن يظهر هذا الجاتب من شخصيتك، ولكن لا تكثر منه. فالشخص الذي لا يعرفك جيدا، قد يفسر مزحك على أنه استهزاء به.
  • ابتعد عن التوتر وكن مسترخيا، فالتوتر يجعلنا نتصرف بصورة بعيدة عما نكون عليه.
  • تحدث بأسلوب سهل بسيط، ولا تستعمل كلمات معقدة أو مصطلحات علمية أو مفردات أجنبية، كي تُظهر مستواك العلمي أو الثقافي، فأنت تلتقي الشخص للدخول في علاقة شخصية، ولست في مناظرة علمية أو مقابلة عمل.
  • اطرح أسئلة مفتوحة تشجع المقابل على الكلام وتسهل عليه التعريف بنفسه وبأفكاره. وليكن تركيزك في الحديث على اهتمامات المقابل والموضوعات المشتركة بينكما.
  • كن مستمعا جيدا لما يقوله المقابل مع ملاحظة أسلوبه ونبرة صوته، وقراءة حركات جسمه وتعابيروجهه. لأن الاستماع الجيد يساعدك على الفهم الجيد للمقابل.

وفي نهاية مرحلة التعارف سيكون لديك ثلاثة خيارات، إما أن تنهي العلاقة قبل البدء بها لشعورك بعدم الارتياح من التقرب من المقابل. أو  أن تقرر إعطاء نفسك فترة أخرى لمعرفته أكثر، بسبب عدم التأكد مما تعتقده أو ما تشعر به تجاهه، فبعض الأشخاص يتسمون بالغموض، فيصعب علينا تحديد مشاعرنا تجاههم بمجرد معرفتهم لساعات أو أيام قليلة. والخيار الأخير يأتي نتيجة شعورك بالراحة أوالانجذاب إلى الطرف الآخر، فتقرر الانتقال إلى المرحلة الثانية من العلاقة، وهي مرحلة الاكتشاف والتي سنتكلم عنها في المقال القادم بإذن الله تعالى.

Advertisement

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s