نشرت قبل فترة مقالا بعنوان “إليكِ أيتها الزوجة” ووجدت أنه من الإنصاف أن أتبعه بمقال آخر موجه إلى الزوج، فالحياة الزوجية كطائر بجناحين، لا يمكن أن يطير إلا إذا كان جناحاه سليمين قويين . والزوج هو المسؤول الأول ليأخذ بأسرته إلى بر الأمان. ومن الضروري أن أنوه إلى خطأين يقع كثير من الشباب فيهما وهم على أعتاب الزواج واختيار الزوجة المناسبة:
أولا: أن يتزوج فتاة بعينها وفي النية تغييرها بعد الزواج. فغالبية النساء لا تتغيير بعد الزواج وتبقى كما هي إن لم ترد هي التغيير. فمن الخطأ أن يتزوج الشاب فتاة وهو غير مقتنع ببعض الأمور الأساسية والتي تعد من أولوياته. فمثلا قد لا يعجبه طبعها أو مظهرها أو أفكارها أو حتى دينها، ويوافق على الزواج بها مؤملا نفسه بتغييرها بعد الزواج. وقد ينصدم بعد ذلك بعدم قدرته على تغييرها مما يؤثر سلبا في علاقتهما، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى فشل العلاقة الزوجية بكاملها.
ثانيا: من المهم كذلك أن يكون الشاب مرتاحا لشكل المرأة ونسبة جمالها، فالارتياح النفسي ضروري لشكل الشخص الذي تكمّل حياتك معه، ولكن لابد أن لا يكون التركيز على الجمال والشكل وفق مقاييس معينة، فهذا من الأخطاء التي قد يقع فيها بعض الشباب. فالجمال يبهر العين ويجذب النظر في الأيام الأولى فقط، أو للأسابيع الأولى ولن يتعدى ذلك الأشهر الأولى على أقصى تقدير. ثم يحل محله خلق الشخص وطبعه وأسلوب تعامله وشخصيته، فلو كانت المرأة جميلة من الداخل لأصبحت أجمل بكثير مما هي عليه، وإلا فإن قناع الجمال سيسقط إذا كانت المرأة سيئة الطباع أو سليطة اللسان أومحدودة الذكاء أو غير ذلك حتى لو كانت ملكة جمال العالم.
كيف تتعامل مع زوجتك؟
أيها الزوج عند التعامل مع الزوجة هناك أمور لابد أن تلتزم بها إذا أردت زواجا ناجحا، ومن هذه الأمور:
- احترم زوجتك وأكرمها، ولا تُهنها أبدا. فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:” ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”. فقد كانت زوجتك فتاة عزيزة مدللة في بيت أهلها وفي كَنَف والديها. وعندما تزوجتك أصبحت أمانة عندك، لابد أن تقدرها وتحترمها ما أمكنك ذلك، ولا تقم بإهانتها ولو كنت مازحا.
- اعتذر لها إذا أخطأت في حقها، مهما كان ذلك صعبا عليك. فالاعتذار عندما تكون مخطئا، لن يقلل من قيمتك، بل يرفعها، ويجعلك تكبر في نظر زوجتك وتكون قدوة لأسرتك كلها. وتنشر ثقافة الاعتذار عند الخطأ في أرجاء المنزل.
- استمع إليها باهتمام وأصغ لما تقول. من الضروري أن تستمع باهتمام لما تقوله زوجتك، وعندما أقول باهتمام أقصد أن تغلق التلفاز وتضع الجوال جانبا، وتنظر في عينيها، وتجلس وجها لوجه معها، وكأنك تستمع لأهم شخص في العالم. وليكن هدفك من الاستماع هو الفهم وليس الرد على ما تقول.
- تعاطف مع زوجتك وتفهّم ما تمر به. فالمرأة تمر كل شهر بالدورة الشهرية، والتغييرات الهرمونية التي تحدث في جسمها قبل أسبوع من موعد الدورة وأسبوع الدورة تؤثر سلبا في إنفعالاتها، فقد تصبح حساسة جدا خلال هذه الفترة ومنفعلة جدا. علاوة على أن فترة الحمل والرضاعة تعد من أصعب الفترات، لأنها تستنفذ طاقة المرأة الجسدية والنفسية والعاطفية. فكن متفهّما لوضعها النفسي والجسدي خلال تعاملك معها.
- كن مبادرا بسد احتياجاتها، ولا تنتظر منها أن تطلب منك ما تحتاجها، لأن معظم النساء لا تطلب ما تريدها بصورة مباشرة، بل تلجأ إلى طرق غير مباشرة لذلك، فحاول أن تقرأ ما بين السطور. فعلى سبيل المثال إذا رغبتْ في الأكل في الخارج، لن تقول ذلك مباشرة، وإنما ستسأل: “حبيبي، الأ تحب الأكل في الخارج؟” فالمرأة عندما تعبر عن احتياجاتها تختلف عنك في ذلك. فضلا عن أن المبادرات التي تأتي دون طلبها تكون ذات وقع خاص في قلبها.
- حاول أن تفصّل في التعبير عن رأيك، وابتعد عن الصمت أو الإيجاز المُخل بالمعنى، وذلك لأن معظم الرجال موجزون في كلامهم، وتفكير المرأة تضع الكثير من الاحتمالات للأجوبة الموجزة أو الناقصة، مما تؤدي إلى كثير من سوء التفاهم، وتضع الحواجز النفسية بين الطرفين.
- اكتشف لغة الحب لدى زوجتك، حسب جاري تشابمان في كتابه (لغات الحب الخمس) أن هناك خمس لغات للحب بين الزوجين، وعلى كل واحد منهما أن يجد لغة الآخر حتى يعبر باللغة التي يفهمها المقابل. وهذه اللغات هي: “تكريس الوقت للآخر، وذكر كلمات التشجيع، وتبادل الهدايا، وتقديم الأعمال الخدمية، والاتصال الجسدي” فمثلا قد يرسل الزوج الهدية تعبيرا عن حبه لزوجته، في حين تكون الزوجة في حاجة إلى تخصيص وقت لها للمحادثة. أو الزوجة تعانق الزوج، بينما يكون هو في حاجة إلى وجبة غذاء منزلي جيد.
- زوجتك هي شريكة حياتك وليست خادمتك، فإن كانت تخدمك وتدير أعمال المنزل، فهذا من باب التعاون مع زوجها، ولا يوجد ما يلزمها بذلك. فقدّر هذا العطاء وحاول أن تساعدها في أعمال المنزل، خاصة إذا كانت أمّا لأطفال صغار، أو كانت تعمل في الخارج مثلك أنت.
- كن متسامحا مع هفواتها، فقد تخطئ المرأة في بعض الأحيان، فلا يحتاج ذلك أن تنفعل وتتعصب وتبدأ بالصراخ، لأن ذلك يجعلها تصمت ولا تكون منفتحة معك خوفا من أن تنفعل أو تتعصب عليها، إذا ما قالت كلاما لم يعجبك. فكما يقول الدكتور جاسم المطوع “أن الرجل الذي يتكلم مع أصدقائه، ولكنه يصمت في بيته دليل على أن الزوجة تنتقده كثيرا، بينما إذا كانت المرأة تتحدث مع صديقاتها كثيرا، وتصمت في منزلها ومع زوجها، فهذا دليل على أن الزوج يتعصب عليها عندما تتكلم”.
- أعط المساحة لزوجتك ولا تتحكم في كل شيء في حياتها، ولا تكن الآمر والناهي طوال الوقت وفي كل صغيرة وكبيرة، اتفق معها على الخطوط العريضة فيما يتعلق بحياتكما، واتركها تقرر وتتصرف في التفاصيل فيما يرتبط بها، مثل علاقات الصداقة وزيارة أقاربها، وتقديم الهدايا، وغير ذلك من الأمور الحياتية التي تهم المرأة كثيرا، وقد لا يلقي الرجل لها بالا.
وأحب أن أختم المقال بأجمل ما قيل، حسب رأيي، في علاقة الرجل بزوجته فـ“الرجل قائد المرأة لا سيدها، والمرأة تعيش في كَنَفه وليست أَمَتَه (عبدته). لم تكن القضية يوما مَن يسيطر على مَن، ولا مَن يُلغي مَن؟ القضية كانت دوما في أن يحنو الكل على جزئه، وأن يحتمي البعض بكُلّه. وحين فطر الله الرجل ليكون قوّاماً، هذا يعني أنه جعل المرأة إحدى مسؤولياته، لا إحدى ممتلكاته. وحين فطر المرأة لتعيش في كَنَف الرجل، فلأنَّه سبحانه فطره أولا أن يحب رقتها ويستعذب لجوءها إليه”.
تبارك الله دكتورة سيوين ، مقال رائع بكل معانيه و جوانبه من الإبداع والشفافية.
ننتظر المزيد من الافكار الجميلة.
LikeLiked by 1 person
شكرا جزيلا أخي على مرورك الطيب.
LikeLiked by 1 person
عاشت الانامل…
LikeLiked by 1 person
شكرا لمرورك العطر أخي العزيز.
LikeLike