يعتمد الزواج الناجح على أسس عدة، وأهمها على الإطلاق، هو الاختيار الموفق لشريك أو شريكة الحياة، والذي يعد الخطوة الأولى لزواج ناجح وسعيد. ثم تأتي طريقة تعامل الطرفين. وطريقة التعامل والتواصل بينهما تعتمد على أمور كثيرة، والتي سنعرضها لاحقا.
قبل أن تتزوج الفتاة تكون في ذهنها صورة معينة للحياة الزوجية وكيفية التعامل مع الزوج. والشاب كذلك يكون لديه صورة ذهنية أخرى مختلفة بالتأكيد عن الصورة الموجودة في ذهن الفتاة، لما بين الجنسين من اختلاف. ويتعامل كلاهما وفق الصورة الذهنية المختلفة الموجودة ويتصرفان على أساسها.
وفي كثير من الأحيان يكون تركيزهما على ما يستطيع كل منهما أن يأخذ من هذه العلاقة، ومن النادر أن يتبادر إلى ذهنيهما ما الذي يمكن أن يسهما به في هذا المشروع الحياتي المشترك الذي لا يخلو من مطبّات وتحديات مادية ومعنوية، والتفكير في كيفية تحمل المسؤولية التي تقع على عاتق الطرفين. وهذا التفكير يؤثر كثيرا على طريقة تعامل الطرفين، وسقف توقعات كل منها للآخر.
وبعد الزواج تبدأ الصورة الحقيقية بالظهور سواء كان للزوجين أو لمفهوم الزواج نفسه، ومن النادر أن تبقى الصورة السابقة في الأذهان كما هي، ولا يعني هذا أن الصورة في البداية تكون إيجابية ثم تتحول إلى صورة سلبية، وإنما القصد أن الصورة الحقيقة ستبرز بكافة أبعادها، وجوهر الإنسان وشخصيته الحقيقية تطغى على شكله ومظهره.
وعند ظهور الشخصية الحقيقية لكليهما، يظهر الاختلاف فيما بينهما. ويشمل ذلك الاختلاف في طريقة تفكيرهما ورؤيتهما للأمور من زوايا متباينة. فطريقة تفكير المرأة تكبر الأمور الصغيرة، عكس طريقة تفكير الرجل الذي يقوم بتصغير الأمور الكبيرة وتبسيطها كما يرى توني روبنس. وكلما كانت الاختلافات الأخرى كثيرة كلما كان التصادم أقوى والتفاهم أصعب، كاختلاف المستوى العلمي والثقافي، وكذلك النضج الفكري والنفسي، فضلا عن اختلاف الطبقة الاجتماعية وغيرها من الاختلافات التي تسهم في تكبير الفجوة بين الزوجين.
وهناك نقطة جوهرية أخرى يختلفان فيها، وهي أن الرجل في حياته يركز على المهام وأدائها، وقلما يركز على المشاعر والأحاسيس المرتبطة بهذه المهام، بينما المرأة تركز على المشاعر التي تحيط بالمهام. فعلى سبيل المثال عند التسوق يركز معظم الرجال على إنهاء عملية التسوق، ويتوجهون مباشرة إلى ما يريدون شراءه دون الإنشغال بأمور أخرى. بينما التسوق في منظور كثير من النساء هو الاستمتاع بالتجوال بين الحاجيات والأغراض والألبسة حتى لو لم ترغب بشرائها.
إن الاختلاف بين الزوج والزوجة موجود بكل تأكيد، وخاصة إذا كانا يتمتعان بشخصيتين مستقلتين، غير أن طريقة تعامل الطرفين هي التي تحدد النتيجة التي يمكن أن يؤول إليها هذا الاختلاف. فقد يحسن بعضهم الاستفادة من نقاط الاختلاف، ليجعل الروابط الزوجية أكثر سعادة وأمتن، بينما يسيء آخرون التعامل معها ويجعلوها محط خلاف وتصادم وشجار فيما بينهما.
في هذا المقال أوجه كلامي إلى الزوجات فقط، لأن المرأة أكثر قدرة على التكيّف مع الواقع واحتواء الرجل وأكثر مرونة في التعامل، لأن الله سبحانه خلق المرأة وأودعها الأمومة وما فيها من دفء وحنان ومشاعر، فآدم (عليه السلام) لم يستمتع بالجنة دون حواء. فأركز فيما يأتي على أفضل طريقة للتعامل مع الزوج، والوصول إلى زواج ناجح وسعيد، وهذا حسب رأيي الشخصي، وقد لا تتفقين معي. وهذا لا يعني أن نجاح الزواج يعتمد على المرأة فقط، بل المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الرجل.
الأنوثة تاج المرأة
من أقوى نقاط المرأة التي يقدرها الرجل هي أنوثتها. ولا أقصد بالأنوثة ملامح الوجه الرقيقة أو الصوت الناعم أو تقاطيع الجسم. الأنوثة هي طريقة تعامل وسلوكيات تقومين بها فيزيدك جمالا ورقة ونعومة، ويرفع من قيمتك في نظر الزوج. ومن هذه السلوكيات التي عليك القيام بها:
- تحدثي بهدوء، فالصوت المرتفع والصراخ يتنافى والأنوثة، وهذا لا يعني أن الصراخ أو الصوت المرتفع هي صفات رجولية، فالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) ما رفع صوته أو يده الكريمة على أية امرأة قط، وكان أكثر الرجال رجولة. ولكن إن كان الصراخ ورفع الصوت يقلل من رجولة الرجل مرات، فإنهما يقللان من أنوثة المرأة أضعاف ذلك. وكما يقول شكسبير: “ثلاثة تقلل من أنوثة المرأة، العناد والعصبية ورفع الصوت”.
- كوني راقية في تعاملك ورقيقة في التعبير عن غضبك، فإذا ما بدأ الرجل برفع صوته والتحدث معك بأسلوب غير لائق، توقفي عن النقاش فورا، وانسحبي بهدوء إلى مكان آخر، لأنك بالتأكيد ستفقدين أعصابك وتتعاملين بصورة لا تليق بك أو به. فالشدة والغلظة ليست من صفات الأنثى بأي حال.
- كوني بشوشة مبتسمة، فنصف جمال المرأة وأنوثتها في ابتسامتها، وتفقد المرأة نسبة كبيرة من هذا الجمال وهذه الأنوثة عندما تكون عصبية أو عابسة. فإذا كان التبسم في وجه الناس صدقة، فالتبسم في وجه الزوج أو الزوجة واجب. ولا تكوني مكتئبة أو متشائمة معظم الوقت، لأن الاكتئاب والتشاؤم معديٌّ، فالأسرة بأسرها يتغير مزاجها إذا كنتِ مكتئبة، وعلى العكس من ذلك فإنك تنشرين الفرح والسعادة في أرجاء البيت إذا كنت بشوشة.
- كوني مَرِحة، فأهم شيء في حياة الرجل أن يجعل أنثاه سعيدة، وكلما شعر بأنه هو مصدر سعادتها، كلما شعر بأهميته، وحاول توفير كل ما يجعلها سعيدة. فحاولي إظهار سعادتك بوجوده في حياتك، وبما يقدمه لك حتى لو كان شيئا بسيطا لا قيمة له عندك، لأن ذلك يشجعه على تقديم المزيد. ولأن معظم الرجال متطبعون على الأخذ وليس العطاء مع زوجاتهم، فعندما يقدم لك زوجك شيئا، يشعر في داخله بأنه قام بأمر عظيم، وإذا قمت أنت بالاستخفاف به، سيصاب بإحباط كبير، مما يجعله يتردد في تقديم أي شيء آخر في المستقبل، لأنك لا تقدرين ما يقدمه لك. كذلك لا تقارنيه مطلقا بأزواج صديقاتك أو أخواتك وما يقدمونه لزوجاتهم من عطايا مادية أو معنوية، لأن هذه المقارنة تقلل من قيمته في نظر نفسه، ولأنك بالتأكيد لن ترغبي بأن يقارنك بزوجات إخوانه أو أصدقائه أبدا.
- ركزي على إيجابياته وكبريها، ولا تقومي بانتقاد سلبياته، لأنك بالتركيز على الإيجابيات وتكبيرها تجعليه يثق بنفسه، ويقدم أفضل ما عنده. أما الانتقاد لسلوكياته السلبية فإنه يسلط الضوء على السلبيات ويبرزها مما يؤثر سلبا على اعتزازه بنفسه، فضلا عن أنه يبدأ بالابتعاد عنكِ، وعدم الشعور بالراحة وهو قريب منكِ، ويصمت معظم الوقت وهو داخل المنزل، لأنه يشعر أنه معرض للانتقاد من قبلك. وقد يلجأ إلى أصدقائه الذين يشعر بالراحة أكثر معهم، فهم لا ينتقدوه كما تفعلين، ويتقبلونه كما هو بإيجابياته وسلبياته. وإذا وقع في مشكلة، أو أخطأ في شيء، فإن آخر ما يريد الاستماع إليه، هو لومه على ما فعل أو أن تقولي له “ألم أحذرك من فعل ذلك؟!”. ما يحتاجه بالفعل أن تخففي عنه وتصغّري المشكلة، وتعطيه جرعات من الثقة بالنفس، وتؤكدين بأنه قادر على التغلب على المشكلة، وأن الله لن يخذله، ثم أنك تدعمينه بكل قوتك، وأنك موجودة بجانبه. فعندما لجأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى خديجة بعد نزول الوحي وهو خائف، قالت له خديجة: “كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَل، وتكَسب المعدوم، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”. فركزت على ذكر أخلاقه الكريمة وإيجابياته لتهدئ من روعه.
- قللي من الكلام واختصريه ما أمكن، ينزعج الرجل من المرأة الثرثارة، والتي تعيد الكلام وتزيد فيه وتكرر الموضوع نفسه عدة مرات. ولأن بعض الرجال يميلون إلى النسيان لكثرة مشاغلهم، فتبدأ المرأة بتكرار الكلام، والتأكيد على الأمور التي من المحتمل أن ينساها الرجل. مما يجعله يتضايق من هذا التكرار والإعادة التي ترى المرأة فيها الإفادة.
- تنازلي في بعض الأحيان، من الجيد أن تقدم المرأة بعض التنازلات من حين لآخر، إذا تعارضت رغباتها مع أعمال الزوج وإلتزاماته، أو عدم قدرته على توفير ما يلزمها، فليس كل ما تريدينه تحصلين عليه. وهذا لا يعنى أن تصبح المرأة هي التي تتنازل بشكل دائم عن حقوقها ومتطلباتها. فقد يؤدي ذلك إلى أن تكون حياتها سلسلة من التنازلات لا نهاية لها. وقد يكون في بعض الأحيان التنازل مؤقتا، فقد تنسحب المرأة من النقاش عندما ترى أنه لا طائل من ورائه، ويمكن معاودة مناقشة الموضوع عندما يكون الزوج أكثر استعدادا لذلك.
- اتركي له المسافة التي يريدها، إن كثيرا من الرجال متعودون قبل الزواج على الحرية في الخروج والقيام بما يريدونه، وعدم وجود من يسألهم عن ذلك. وعندما تبدأ المرأة بسؤال الزوج حول كل ما يقوم به، يعد الرجل ذلك محاسبة له، مما يقيد حركته ويؤثر على حريته. ثم متابعته وسؤاله عن كل صغيرة وكبيرة، يجعله يشعر بأن هناك من يكتم أنفاسه، فيشعر باختناق وهو داخل المنزل، ويحاول أن يجد الفرص كي يجلس في المقاهي، ويقضي الأوقات مع أصحابه، ويشعر بالانتعاش وهو خارج المنزل. فقللي من التركيز عليه ولا تغرقيه بالاهتمام الزائد، لأنه يحس أنكِ تقيدينه بذلك.
- اهتمي بجمالك ومظهرك، إن الرجل كما يقال بَصَريٌّ بطبعه، فيهتم كثيرا بشكل المرأة ومظهرها. وقد تهمل المرأة جمالها ورشاقتها ومظهرها بعد الزواج والإنجاب، مما يؤثر سلبا في علاقتها بزوجها. فعليها أن تهتم بأناقتها حتى وهي داخل المنزل. فيمكن أن تكون ما تلبسه بسيطا وجميلا وجذابا في الوقت نفسه.
- ركزي على تنمية عقلك وتطوير مهاراتك، كثير من النساء بسبب انشغالها بالاهتمام بالزوج وتربية الأطفال، تنسى الاهتمام بتنمية مهاراتها والتطوير من نفسها، مما يجعلها تفقد مهاراتها شيئا فشيئا. فالقراءة، على سبيل المثال، تنمي العقل وتكسب الإنسان المعارف. وتعلّمُ المهارات والتقنيات الجديدة في الحياة، تؤثر بصورة إيجابية بعلاقتك مع زوجك. فضلا عن أن بعض الأزواج يكونون طموحين جدا، ويستمرون بتطوير أنفسهم مما يكبّر الفجوة بينه وبين زوجته إذا ما أهملتْ هذا الجانب.
وكلمتي الأخيرة لك سيدتي هي أن الرجل أبسط مما تعتقدينه، وأوضح منك في سد احتياجاته، وكلامه أكثر مباشرة من كلامك. وهو بحاجة لأن تحتويه بقلبك الحنون، وتتفهمي همومه ومشاغله وشجونه، وأن تقدريه وتحترميه، ليجعلك بدوره تاجا على رأسه ويعاملك كما تُعَامَل الأميرات، ولا يبدل بك أي أمرأة أخرى على وجه الأرض.
سلمت الأيادي دكتورة … مقال أكثر من رائع، ولو طبق ما فيه من نصائح لقضينا على كل المشاكل الزوجية.
أيها الزوج الفاضل .. ركز على علاقتك الزوجية بإيجابية ..
أيتها الزوجة الفاضلة .. ركزي على علاقتكِ الزوجية بإيجابية
و على الزوجين أن لا ينسوا الفضل بينهما و أن يتأكد أن :
الصلح خير
وأن السعادة في البساطة
وأن الراحة في التسامح
و أن السكينة في البيت نعمة لا تقدر بكنوز الدنيا
LikeLiked by 2 people
شكرا أخي الدكتور وفقك الله.
LikeLike
كلمات في الصميم كالعادة متميزة ربي يحميك❤️❤️👍🏻👍🏻
LikeLiked by 1 person
مشكورة عزيزتي، والله يوفقك😊
LikeLike