اكتف بنفسك

إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وهيأه بالقدرة على التعلم والاعتماد على نفسه في عيش حياته، وأودعه جلّ وعلا القدرات التي يحتاجها في هذه المسيرة، وتحقيق ما يرغب بالوصول إليه. وكلما استخدمنا هذه الطاقات الكامنة لدينا كلما ازدادت ثقتنا بأنفسنا، ودفعنا لتقديم المزيد من الجهد للوصول إلى أهداف أكثر ونجاحات أعظم. فالنجاح في الحياة يعتمد بنسبة 80% على الشخص نفسه، وتأثير الأشخاص الآخرين والظروف حولنا لا يمثّل سوى 20% فقط من عوامل النجاح.

وإن كان الاكتفاء بالذات يحتوي على حب الذات، ولكنه لا يعني الأنانية بأي حال. وإنما يعني أن تأخذ مسؤولية حياتك كاملة، سواء في الجانب المادي، أو من ناحية تدبير شؤون الحياة وإدارتها. وعدم الاستناد إلى غيرك لإنجاز مهامك الحياتية مهما كان هذا الشخص مقربا، سواء كان أبا أو أما، أو زوجا أو زوجة، أو أخا أو صديقا، أو غيرهم. فلا تجعل منهم عكازا تستند إليه في المشي، لأنه لو انكسر، فإنك ستقع لا محالة.

فقد رأينا أو سمعنا عن كثيرين عاشوا مع أناس يتحملون مسؤوليتهم كاملة، ولكن برحيل هؤلاء الأشخاص، سواء كان برغبتهم أو رغما عنهم، انهارت حياتهم، وانطفأ بريق روحهم، ووجدوا أنفسهم وجها لوجه مع المسؤوليات والمهام الحياتية لوحدهم. وكل مهمة مهما كانت بسيطة تمثل تحديا كبيرا بالنسبة لهم، ويصبح كل يوم صراعا جديدا من أجل البقاء، سواء كان على المستوى المادي أو العاطفي أو النفسي. وقد يحدث ذلك في وقت متأخر، ويكون العمر قد مر ربيعه ليبدأ الشخص حياة مختلفة من جديد. وما أروع قول جبران خليل جبران عندما قال في صدد الاعتماد على النفس: “إذا شعرت أنك بحاجة إلى يد دافئة، فامسك بيدك الأخرى، فلن يهزم شخص يؤمن بنفسه”.

كيف يتم الاكتفاء بالنفس؟

تقّرب إلى الله سبحانه وتعالى، واطلب العون منه وحده، فهو القادر على كل شيء.

ثق بنفسك وبقدراتك، وأنه بإمكانك تحقيق أهدافك، فبرمجة العقل للاعتماد على النفس والثقة بالذات من أهم عوامل النجاح.

سلّح نفسك بالعلوم والمعارف التي تحتاجها في حياتك، عن طريق قراءة الكتب والاستماع إلى المحاضرات، والمشاركة في الدورات التدريبية.

تعلّم المهارات الحياتية والإنسانية التي تساعدك في التعامل مع الحياة بفاعلية. ومن هذه المهارات مهارة (التواصل الفاعل، وإدراة الحياة وتنظيمها، وحل المشكلات، وإدارة المال والميزانية)، وغير ذلك من المهارات التي تساعد الشخص على تنظيم حياته والوصول إلى الأهداف التي يسعى للوصول إليها في جميع مجالات الحياة.

مارس الرياضة اليومية التي تقوي اللياقة البدنية لديك، فكلما كان الجسم قويا سليما، كلما ازدادت قدرة الشخص على التحمل. فالإنسان لا يستطيع أن يعتمد على جسم ضعيف أو عليل، لأنه سيخذله في الغالب.

كوّن علاقات اجتماعية إيجابية ومؤثرة، وهذا لا يتنافى مع مبدأ الاكتفاء بالذات، لأن الإنسان كائن اجتماعي لا يتمكن من العيش وحيدا، حتى لو اكتفى بنفسه. ولكن ينأى بنفسه عن الاعتماد على شخص بعينه، أو أشخاص معينون يعتمد عليهم اعتمادا كبيرا في تحقيق أحلامه وطموحاته.

انشغل بالهوايات المحببة إلى النفس، ومما تعود عليك بالفائدة في الوقت ذاته.

وأخيرا، لا تراهن نجاحك وتحقيق أحلامك وسعادتك على الأشخاص، مهما كانوا كثيرين ومقرّبين من حولك، لأنك الوحيد المسؤول عن حياتك. فلا تنتظر أحدا يربت على كتفك ويمسح دموعك وقت الفشل، ويشد على يدك ويصفّق لك وقت النجاح. وإن كانت هذه أشياء رائعة إن وجدت، ولكن لا تربط نجاحك أو فشلك بها. فإذا أردت أن تحقق هدفا، اجمع عزمك وتوكل على الله، فإن الله سبحانه لا يضيّع سعيك، لأنه ليس للإنسان إلا ما سعى. وكم أعجبني هذا القول، وأنقله لكم عن قناعة وتجربة شخصية “عندما تكتفي بنفسك، يصبح وجود الناس لطيفا، وغيابهم لا يضر”.

Advertisement

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s