فخ التسويف

تعاني نسبة كبيرة من الناس، وأنا من ضمنهم، من تأجيل الأعمال والمهام التي عليهم القيام بها لإتمامها في الساعات الأخيرة من الموعد النهائي. وهذا هو التسويف الذي هو تأجيل الأعمال والمهام والمماطلة في أدائها إلى الوصول إلى ما قبل الموعد النهائي، ثم إتمامه على استعجال كيفما كان. فتكون كدورة تبدأ بالقلق حول العمل وللتخلص من هذا الشعور يلجأ الشخص إلى شيء يخفف هذا التوتر، أسهل من العمل المكلف به وأكثر إمتاعا منه، ثم يشعر بتأنيب الضمير لعدم تأدية العمل أو المهمة ويعود إلى المربع الأول. وكما يقول غوستاف فلوبير: (تمر معظم أوقات الحياة والناس تقول: “لم يحن الوقت بعد” ثم “فات الأوان”).

فيم يكون التسويف؟

الإنسان عادة لا يستطيع القيام بتأجيل الأعمال المهمة والعاجلة، ولكن التسويف يقع في الأعمال المهمة وغير العاجلة، أي أن الناس يقومون بمماطلة الأعمال التي تكون مهمة ولكنها ليست آنية، ومثل هذه الأعمال والمهام تنقسم إلى قسمين اثنين أيضا. القسم الأول يشمل المهام التي لها مواعيد نهائية لتسليمها، كالبحوث والتقارير والمشاريع وغيرها. ويضم القسم الثاني الأعمال والمهام التي لا يوجد لها مواعيد نهائية مثل الاهتمام بالصحة وممارسة الرياضة، وتكوين علاقات شخصية مؤثرة، أو تأليف كتاب اختياري وغير ذلك.

ومع أن التسويف والمماطلة تؤثر سلبا على حياة الشخص وعلى مهامه، غير أن تأثير هذا التسويف أكثر سلبا على القسم الثاني لعدم وجود مواعيد نهائية لمثل هذه الأعمال والمهام، فعندما يكون العمل مفتوحا والشخص غير ملزما بفعله، فإنه يتوانى عن القيام به، فيتحول إلى التسويف والمماطلة إلى عدم القيام بالفعل على الإطلاق.

لماذا يحدث التسويف؟

يرتبط التسويف والمماطلة بشعور الإنسان، فعندما نكلَّف بعمل مهم يصيبنا القلق جراء هذا العمل، ونحاول قدر الإمكان تجنب هذا الشعور بتجنب العمل نفسه. فحين يكون لدينا عمل أو امتحان، علينا الاستعداد له، وإن كان لدينا تقرير أو بحث أو مشروع لابد من تسليمه في موعد محدد. فإن اللجوء للتسويف يعطينا شعورا أفضل، إذ يجعلنا نبتعد مؤقتا عن مصدر القلق. فنشغّل أنفسنا بتأدية أعمال أخرى، مثل الأعمال المنزلية، أو قراءة الروايات أو مشاهدة التلفاز أو غيرها. وتأدية مثل هذه الأعمال أو النشاطات تعطينا شعورا مؤقتا بالإنجاز وأداء المهام، وابتعاد عن التوتر من أداء العمل الأساسي. مما يؤدي إلى قلق أكبر، عندما نشعر أن علينا أن نؤدي عملا مهما، ولكننا نستمر بتأجيله. فندور في حلقة مفرغة من التوتر والقلق والفزع مع اقتراب الموعد النهائي للمهمة أو العمل.

كيف نعالج التسويف؟

مع أن التسويف والمماطلة من العادات السلبية التي يصعب التخلص منها، غير أن هناك طرقا تخفف منها. ومن هذه الطرق:

  • ركز على ما تريد القيام به واجعله على رأس قائمة المهام، وابتعد عن جميع من يشتت تركيزك من الأشخاص أو الأعمال الأخرى أو الوسائل التكنولوجية والإنترنيت، وبصورة خاصة وسائل التواصل الاجتماعي.
  • قم بتجزئة المهام الكبيرة إلى قطع صغيرة، ووزعها على الأيام والأسابيع.
  • استثمر أوج نشاطك، كل شخص لديه أوقات معينة يكون في قمة نشاطه وصفاء ذهنه، فبعض الناس يكون نشطا مفعما بالطاقة والحيوية في الصباح الباكر عندما يقوم من النوم، بينما آخرون يكونون أوج نشاطهم في الساعات المتأخرة من الليل.
  • ضع لنفسك مواعيد نهائية والتزم بها، وإن لم يحتوِ العمل على موعد نهائي كالأعمال الاختيارية وغير الإلزامية.
  • لا تبحث عن الكمال، فالكمال صورة خيالية لا وجود لها في الحقيقة، فحتى لو لم يكن العمل بالمستوى الذي تتطلع إليه يمكنك إنجازه أولا، ثم مراجعة تم إنجازه وتعديله.
  • كافئ نفسك مع الانتهاء من كل جزء من العمل أو المهمة ولو كانت المكافأة بسيطة، ويمكن أن تكون ممارسة هواية، أو تسوق أو أي شيء آخر.
  • لا تعاقب نفسك بالشعور بالذنب جراء التسويف أو المماطلة، لأن وفق الدراسات فإن تأنيب الضمير يؤثر سلبا في التسويف، أي أن هذا الشعور يجعلك تسّوف وتماطل أكثر فضلا عن أن هذا الشعور يؤثر سلبا على الثقة بالنفس وتقدير الذات.
Advertisement

One Comment Add yours

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s