قد يشعر الإنسان في فترة من فترات حياته أنه عالق في وضع غير مرضي، ولا قدرة له على أن يخطو خطوات إلى الأمام لتغيير هذا الوضع. وقد نمرّ بمثل هذه الأيام جميعنا دون استثناء، ويتملّكنا هذا الشعور بين الحين والآخر، غير أن مدة بقاء هذا الوضع تختلف من شخص إلى آخر، ويتفاوت الناس في وقعه عليهم.
هذا عالق في وزنه غير راض عن صحته، كلما حاول أن يخسر بعضا من وزنه، باءت محاولته بالفشل. وهذه عالقة في علاقة عاطفية عقيمة، لا تتحمل الاستمرار فيها ولا تقوى على بدء حياة جديدة. وذاك عالق في وظيفة لا تعطيه الرضا والاكتفاء المادي والضمان الحياتي. وذاك عالق في مشاعره السلبية من شك بقدرته وخوف من الفشل وعدم الثقة بالنفس وغير ذلك، مما يمنعه من أن يخطو أي خطوة نحو تحقيق الإنجاز والتمييز.
متى نبدأ بالتحول؟ وأين؟
عندما نشعر بأننا عالقون في وضع لا يرقى إلى طموحاتنا المادية ولا يرضينا بأي حال، فهذا دليل على أنه حان وقت التغيير، ولكن من أين نبدأ بالتغيير؟ فهذا سؤال جوهري لابد أن نأخذه في الحسبان. والخطوة الأولى للتغيير في أي مجال من مجالات الحياة، تبدأ بتغيير أنفسنا أولا قبل أن نفكر في تغيير أي شيء آخر (إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم).
فالشخص الذي يؤرقه أفكاره السلبية والتردد والتسويف، عليه أن يجمع شتات نفسه وأن يثق بالله عزوجل. والشخص الذي ليس راضيا عن وزنه ولياقته البدنية، لابد أن يفكرفي معالجة وضعه، ويبدأ بتغيير نمط حياته، وليس الاستسلام لحالة الكسل والخمول والتسويف. والموظف الذي لا يشعر بالرضا في وظيفته الحالية، عليه أن يفكر في مستقبله، ويبدأ بتحسين قدراته ومهاراته وأدائه، والتحول الى مستوى وظيفي أفضل وأرقى، وليس التسليم لأمر الواقع. والرجل الذي ليس راضيا عن طبيعة علاقته بزوجته، فهذا دليل على أنه قد حان وقت مراجعة سلوكياته وأمور حياته وطبيعة علاقته، وعليه المبادرة إلى تغييرها وتحسينها، وليس هدمها والتفكير في الزواج بامرأة أخرى للتهرب من عملية التغيير الذاتية.
كيف نتحول؟
عندما يكون الشخص عالقا في وضع معين يصعب عليه معرفة نقطة البداية، وفيما يأتي بعض الخطوات التي ستساعده في انطلاقته الأولى نحو التغيير:
- تحمّل مسؤولية حياتك، فأنت المسؤول الأول عن الوضع الذي أنت فيه. فلا تلم الآخرين على ما أنت فيه، كإلقاء المسؤولية على العائلة أو المجتمع أو المدرسة أو الظروف السياسية والأمنية، وقد تكون الأحداث التي تدور حولك خارجة عن إرادتك، غير أن استجابتك لهذه الأحداث، تدخل ضمن قدرتك ومسؤوليتك.فمثلا الذين يتعرضون إلى الفشل يختلف استجابتهم له، مع أن الحدث واحد، فهناك من يكون يائسا محبطا مستسلما، وآخر يكون إيجابيا يستفيد من كل فرصة موجودة، كي يقوم ويحاول من جديد. فالذي يفشل في تحقيق النجاح ليس بفاشل، إلا عندما يستسلم ويبدأ بإلقاء اللوم على الآخرين.
- ركز على ما تريده، وما تريد أن تحققه من أهداف كبيرة وواضحة، ولا تركز على ما لا تريده والحالات السيئة التي تريد أن تتجاوزها أو تتخلص منها. إن كثيرا من الأشخاص العالقين في وضع معين يركزون على وضعهم القائم وعلى ما لايريدونه، بسبب عدم وضوح أهدافهم أو عدم معرفتها، وكلما ركز الشخص على ما لايريده، استهلك ذلك طاقته وقوته فيما لاينفعه، حتى أنه لن تبقى له الطاقة ليجمع تركيزه لتحقيق ما يريده.
- ابتعد عن كل ما هو سلبي، إن التذمر والانتقاد واللوم يضعف قدرة الإنسان على التركيز. فضلا عن وجود أشخاص سلبيين حولك، يجعلونك خائر القوى، ضعيف الإرادة، لذا اختر صحبة الأشخاص الإيجابيين، الذين يشجعونك ويحفزونك ويرفعون من معنوياتك، ويحملون أهدافا كبيرة يسعون لتحقيقها. وإن كان الأشخاص السلبيين من المقربين الذين لن تتمكن من الابتعاد عنهم، يمكنك أن تضع حاجزاً نفسيا بينك وبينهم، كي لا يؤثروا على قراراتك ومعنوياتك.
- ابدأ العمل مباشرة، ولا تنتظر حتى يكون كل شيء واضحاً لك جليا أمام عينيك، يكفي أن تكون الخطوة الأولى واضحة أمامك. ابدأ بخطوات صغيرة، فليس من الضروري أن تكون الخطوات كبيرة، لأن التحرك دليل على التقدم والتطور، على أن تبدأ تدريجيا بتوسيع هذه الخطوات. وابتعد عن التفكير الزائد، فالتفكير المبالغ فيه في الأمر يبقينا عالقين في وضعنا، خوفا من الفشل، فنبقى نتردد ونسوّف، فأفضل الأوقات للبدء هو الآن.
- مارس الرياضة، إن ممارسة الرياضة بصورة عامة توثر على اللياقة الجسدية والنفسية التي تؤثر بصورة مباشرة على أمزجتنا وحالتنا النفسية، وخاصة ممارسة الرياضات التي تستمتع بها. فالرياضة تساعد على رفع الحالة المعنوية، وتجعلك تتحمل الضغوطات النفسية التي تزداد يوما بعد يوم مع وجودنا في وضع مؤلم.
خلاصة القول هي أن التحوّل إلى حياة جديدة ليس مستحيلا إذا امتلكت إرادة التغيير، وقررت أن تبدأ الآن. فإذا أردت أن تغيير واقعك للوصول إلى السعادة، فلا تبحث عنها بعيدا، إنها بداخلك.
صدقت… أشكر رقي اختياراتك..
LikeLike
جمييييل كلماتك كجمال تفاؤلك ، محفزة .
LikeLiked by 1 person
شكرا عزيزتي😊
LikeLike
شكرا جزيلا😊
LikeLike