كثيراً ما نتساءل ما الذي يجعل بعض الناس متفوقين في دراستهم ويحصلون على الشهادات العالية، بينما يعاني آخرون من إكمال المرحلة الثانوية؟ لماذا يملك بعض الناس أموالا طائلة، في حين يصعب على آخرين إيجاد قوت يومهم؟ لماذا يستطيع بعض الناس التحكم في أوزانهم والمحافظة على جسم صحيّ لسنوات طويلة، فيما يذوق آخرون الأمرّين إذا ما حاولوا تخفيف بضع كيلوغرامات من أوزانهم؟ لماذا يملك بعض الناس علاقات أسرية قوية وأصدقاء مخلصين مؤثرين، بينما يعيش آخرون في علاقات أسرية مضطربة ولا يستطيعون الاحتفاظ بعلاقة صداقة واحدة؟
أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا باحثة عن أجوبة شافية للوقوف على سر النجاح والناجحين. وقبل البحث في معرفة هذا السرّ، نحتاج إلى تحديد مفهوم النجاح أولا قبل التطرق إلى هذا السر أو الأسرار. فما هو النجاح؟
مفهوم النجاح
يختلف مفهوم النجاح من شخص إلى آخر، فهناك من يرى أنه الوصول إلى هدف معين مع المحافظة على القيم. وقد يكون النجاح تحقيق أهداف متوازنة مما يعطيك شعوراً بالسعادة والرضا. فالنجاح لا يعد كذلك إذا حققت أهدافاً وخسرت قيمك أو أولوياتك. فالشخص مهما ربح من الأموال لا يعدّ ناجحا إذا خسر أهله أو أصدقائه. كمثل التاجر الذي قرر أن يحصل على مليون دولار خلال عام واحد ببيع منتجه، وكان متزوجاً ولديه ولدان مراهقان. فسافر لمدة سنة كاملة لتحقيق الهدف الذي يرمي إليه. وبعد انتهاء السنة تحقق حلمه وحصل على المليون دولار، وعندما عاد إلى بيته وجد أن ولديه قد أدمنا المخدرات، وقررت زوجته الإنفصال عنه. فهل يعد ذلك نجاحاً؟
عناصر النجاح
قد يكون النجاح متكوناً من عدة عناصر وليس عنصراً واحداً، ولكن من الضروري أن نعرف أن ثمانين بالمئة (80%) من عناصر النجاح تكمن في داخل الشخص نفسه، ولا تمثّل الظروف أو البيئة أو الإمكانات المادية والمعنوية سوى عشرين بالمئة (20%) من هذه العناصر. وفيما يلي نذكر العناصر التي نعتقتد أن النجاح الشخصي والمهني يعتمد عليها أكثر من أي شيء آخر:
- الرؤية الواضحة، من الضروري أن يمتلك الإنسان رؤية واضحة لما يريده، فلا يمكن أن نرمي السهم ونصيب هدفا غير واضح الرؤية. ومعظم الناجحين كانت لديهم رؤية واضحة لما يريدون الوصول إليه.
- الرغبة والحماس، إن قوة الرغبة في الحصول على الهدف يؤثر في قدرة تحّمل الشخص في طريق تحقيق الهدف أو الحلم، لأنه في معظم الأحيان يكون الطريق طويلاً وشائكاً، ولا بد أن يبقى نار الحماس مؤججاً في داخلنا كي لا نتنازل عن حلمنا بسهولة.
- الإيمان بتحقيق الهدف، من الضروري أن يؤمن الإنسان بهدفه بشدة، لأن الذين ليس لديهم إيمان عميق بما يريدون، يستسلمون مع أول عقبة تقف في طريقهم أو ينسحبون مع أول عثرة.
- الثقة بالنفس، تمثل الثقة بالنفس عنصراً مهماً من عناصر تحقيق النجاح. فلابد أن يثق الشخص بنفسه وقدرته على تحويل الحلم إلى حقيقة، فضلا عن الثقة بقدرته التغلب على العقبات وحل المشاكل التي تعترض طريقه.
- خطط قبل البدء، إن التخطيط الجيد للهدف يساعد كثيراً على تحقيقه، ويوفر كثيراً من الوقت والجهد في مسيرة النجاح. فالهدف غير المخطط له معرّض للفشل أكثر من الهدف الذي تمّ التخطيط له بدقة. وإن قضاء عدة ساعات في التخطيط بأفكار وأهداف واضحة أفضل من قضاء عدة أيام تعمل دون توجيه أو تخطيط.
- إذا عزمت فتوكل على الله، كن عملياً وابدأ الخطوة الأولى حالما قررت البدء. وابتعد عن التردد والتسويف، لأنهما يثنيان من عزيمتك، ويشلا يديك. فلا تنتظر إتيان الفرص كي تبدأ، بل ابحث عن الفرص واقتنصها حالما وجدتها.
- مصاحبة الأشخاص الإيجابيين، إن طريق النجاح طريق وعر يحتاج إلى بذل مجهود كبير وصرف طاقة عالية للتغلب على الصعاب، ووجود الأشخاص الذين يشجعونك ويرفعون من همتك ضروري للوصول إلى بر الأمان. أما الأشخاص السلبيين فإنهم يستنزفزن قواك ويمتصون طاقتك بانتقادهم المستمر لك والتشكيك في قدرتك، بل والسخرية منك ومن أحلامك.
- العادات، تؤثر العادات بشكل مباشر في تحقيق النجاح أو فشله. فالعادات الإيجابية مثل القراءة وممارسة الرياضة وانتظام أوقات النوم، تساهم في تحقيق ما تريد الوصول إليه وتسهّله. بينما العادات السلبية مشاهدة التلفاز أو تصفّح الانترنيت والمواقع الاجتماعية لمدة طويلة تمثل حجرة عثرة في طريق الوصول إلى الأهداف.
- التركيز وعدم التشتت، من العناصر المهمة في تحقيق النجاح هو التحكم في التركيز وعدم الحياد عنه. نحن نعيش في مجتمع تزداد فيه عدد المشتتات يوماً بعد يوم، فالوسائل التكنولوجية مع ما قدمت للمجتمع البشري من خدمات عظيمة غير أنها ساهمت في تشتت التركيز وإلهاء الناس.
- لا تستسلم أبداً، قد يكون طريق النجاح طويلا ومحفوفاً بالمتاعب والمشاكل والعقبات. وهناك بعض الناس يكونون على مقربة من أهدافهم، لكن يصيبهم اليأس مما عانوه في طريق تحقيق الهدف فيستسلمون وهم على وشك النجاح. وكما يقول توماس أديسون: “كثير من الذين فشلوا في الحياة هم أناس لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما استسلموا”.
إن السعي للوصول إلى النجاح يشبه إلى حد ما نمو شجرة الخيزران. حيث توضع البذرة في الأرض وتروى كل يوم، وبعد مرور عام كامل على سقيها والاهتمام بها، لن يظهر أي شيء على الأرض، ثم يمر العام الثاني والثالث والرابع ولا أثر للنبتة، وفي بداية العام الخامس تظهر النبتة للعيان، ويزداد طولها متراً كل يوم، إلى أن يبلغ حوالي ثلاثين متراً في غضون أسابيع قليلة. وقد استغرقت كل هذه المدة، لأن جذورها هي التي كانت تنمو وتترعرع داخل الأرض حتى تتحمّل طولها وتصبح قوية.
وفي الختام فإن الله أودعنا معظم أسرار النجاح ومقوماته، وما سوى ذلك من عناصر وأدوات قد تساعدنا على تحقيق النجاح ولكنها ليست أساسية في الوصول إلى الأهداف. لذا لا تتعذر بأي عذر، ولا تلق بالآئمة على الآخرين لفشلك، لأن كل ما تحتاجه في رحلة النجاح موجود بداخلك.
👍
LikeLiked by 1 person
😊
LikeLike