أكون أو لا أكون

إن إلانسان وهو يخوض غمار الحياة أمامه طريقان لا ثالث لهما، إما أن ينمو ويتطور أو أن يذبل ويموت، وهو إما أن يتقدم أو إنه يتأخر، لأن الزمن يتقدم والأيام تمر، فلايمكنك أن ترضى بالبقاء في مكانك سنوات عديدة دون أن تفكر بالتحرك إلى الأمام مواسياً نفسك بأنك مثلما كنت لم تتغيّر، فعدم التغيير هنا يعني أن تموت ببطء. وكما تقول هيلين كيلر:”الحياة إما مغامرة جريئة أو لاشيء”.

فإما أن تعيش حياتك بملء ما فيها، وأن تتخذ خطوات إلى الأمام، وأن تحسن من مهاراتك وتزيد من معارفك، وأن تنمو كما تنمو النبتة وتزدهر، وأن تكتشف الطاقات الكامنة في داخلك، وأن تسخّر تلك الطاقات التي أودعك الله إياها لخدمة الآخرين، وأن تقدم أفضل ماعندك لكل من يحيط بك كالزهرة التي تبهج كل من يمرّ بها بحسن جمالها وطيب أريجها. أو أن تموت طموحاتك وأحلامك والقدرات التي وهبها الله لك  في داخلك قبل أن ترى النور، ثم لا تعدو أن تصبح كائناً ميتاً يتنفس.

لا تستسلم للخوف والتردد والتسويف، فانتظارك قطارأ وراء آخر، يبقيك في لائحة الانتظار الدائم. فلا تنتظر الفرصة تلو الأخرى فقد لا تأتي الفرصة إلا مرة واحدة كما يقال، أو قد لا تأتي أبداً وإنما تنتظرك بدورها لتلتحق بها. ولا تعش حياة فارغة من كل معنى أو هدف أو غاية، لأن مثل هذه الحياة تشبه البيت الذي لا ساكن فيه مهما كان جميلا ومؤثثاً بأثاث أنيق، فإنه لايتعدى من أن يكون بناء جامدا يتحول إلى خراب مع مرور الزمن.

لا تحّمل المحيطين بك نتيجة فشلك، ولا تختلق الأعذار إذا لم تكن الحياة كما رسمتها في خيالك، كن صادقاً مع نفسك، وتحمّل مسؤولية حياتك، فأنت من ستحاسب على ضياع حياتك، وسيأتي يوم لن يُتقبّل منك الأعذار. ولن تتقدم أو يتغيير واقعك ما لم تأخذ أنت على عاتقك المسؤولية كاملة، فالأعذار تبقى أعذاراً تلهيك لفترة وتسكّن ألمك لحين، ولكنها لن تغيير الواقع الذي تعيش فيه.

لا تجعل المطالبة بالكمال تثنيك عن تحقيق آمالك، وتثبّط من عزيمتك وتشلّ قدماك من أن تخطو خطوة نحو الأمام، فالكمال صورة خيالية لا وجود لها. اخطو خطوات صغيرة، خطوات طفل حديث المشي، ترنّح في مشيك، واسقط على الأرض، تألّم، لا بأس بذلك، فكل من يمشي على الأرض مرّ بهذه المراحل، حتى أفضل العدّائين بدأوا المشي كما بدأتها أنت.

في داخل كلّ منّا برعم يحمل في طياته أوراق زهر يريد أن يتفتح، ابحث عن هذا البرعم الذي في داخلك، ثمّ هيّء له ما يحتاجه من ماء وهواء وضياء، كي ينمو ويزدهر ويضيف جمالا إلى هذا الكون بشكله ولونه وأريجه. فالبرعم الموجود في داخل كلّ منا مختلف عن الآخر كبصمة الإصبع، فتفتح الزهر الموجود داخل شخص معين لن يغني عن الزهر الموجود في داخلك، فلا تتركها عرضة للموت، وحافظ على نموها.

ليس بالضرورة أن تكون صاحب إنجازات كبيرة أو أن تقوم بابتكارات خارقة أو أن تمتلك شهادات عالية، يكفي أن تضع لمستك وروحك وطاقتك في أي شيء تقوم به، فأنت كائن حيّ عندما تشعر بمعاناة غيرك وتقدم له ما يخفف عنه ولو جزءاً من معاناته. إنك إنسان حيّ عندما تخطو كل يوم خطوة صغيرة لتحقيق ما تريده من الحياة، أوعندما ترسم كل يوم خطاً في لوحة حياتك، تظهر فيها ألوان حياتك الصحية والروحية والمهنية والمادية والعائلية بشكل متناسق ومتوازن.

وفي النهاية، حدد أهدافك في الحياة، واكتبها، ثم اعمل كل يوم على تحقيقها. ولا تجعل العقبات تبعدك عن هذا المسار. اجعل من حياتك تحفة فنية رائعة، ونسخة لما وضعته في مخيلتك، لكي تترك أثرا تفتخر به. فإن كانت حياتك عبارة عن رواية، اجعلها رواية تستحق القراءة.

Advertisement

2 Comments Add yours

  1. سناء says:

    بل مقالاتك تحف فنية رائعة ..مبروك عزيزتي والى مزيد من التالق والإبداع

    Liked by 1 person

    1. Seween says:

      أشكرك على ذوقك الراقي عزيزتي.

      Like

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s