قوة التركيز

هل سبق أن اشتريت سيارة، ثم لاحظت أن عدد السيارات التي تشبه سيارتك الجديدة قد ازداد؟ ما الذي أثّر في ازدياد عدد السيارات؟ إنّه (التركيز). فالسيارات كانت موجودة حتى قبل شرائك السيارة ولم يتغيّر عددها غير أن اقتنائك للسيارة أدخلها في دائرة تركيزك مما جعلك تلاحظ وجود هذا النوع بكثرة. وهل سبق لك أن مررت بشخص ونظرت إليه غير أنك لم تراه؟ وقد تستغرب من هذا، فكيف يمكن أن الشخص موجودا ولا تراه، ولكن حدث معي هذا بالفعل وأكثر من مرة، وذلك لأن تركيزي كان داخلياً ولم يكن خارجياً، فقد كنت منغمسة في أفكاري، غارقة فيها منقطعة عما سواه.

والتركيز هو جمع القوة الذهنية وجعلها تنصب على شيء معين دون غيره. وحالة الإنسان الجسدية والنفسية تعتمد بشكل أساسي على ما يركز عليه. فضلا عن أنه يعد من أهم أسباب النجاح في أي مجال من المجالات. فالإنسان كلما جمع تركيزه في أمر من الأمور وتجنب ما يشتت هذا التركيز، كلما كان أكثر إنجازاً، لأنه كما يقول توني روبنس (أينما يذهب التركيز يفيض النشاط والحيوية).

يستطيع كل واحد منا أن يسيطر على شيئين بالنسبة لتركيزه وهما: أولاً ما نركز عليه وثانياً كيف نركز عليه. فلا يستطيع العقل الواعي أن يركز على كل ما يدور حولنا ويشعر به في آن واحد، لذا يقوم العقل بعملية حذف لمعظم ما يحيط بنا، و لايبقى سوى شيء واحد في دائرة هذا التركيز في المرة الواحدة.

ويشبه العقل في عملية التركيز جهاز التصوير الذي يسلط الضوء على أشياء معينة، ثم يقوم بتكبيرها أوتصغيرها، تعتيمها أو تفتيحها إلى غير ذلك من مواصفات جهاز التصوير. والعجيب أن للعقل القدرة على تغيير ما نراه، حيث يجعل الصورة التي نراها أجمل أو أقبح مما عليه. وجودة حياة الإنسان وسعادته يعتمد على جودة جهاز تصويره وما ينقله من خلال شاشته.

فالسعادة تأتي من التركيز على نعم الله علينا وتقديرها، بينما الشقاء يكون بالتركيز على أسوأ ما لدينا وتضخيمها. لذا نجد أناس بسطاء سعداء بما أنعم الله عليهم، وآخرون تعساء مع كل ما لديهم من أموال وأولاد وشهرة ومنصب، لأن هؤلاء جعلوا التركيز ينصبّ على ما ينقصهم حتى ولو كان هذا النقص بسيطاً. فـ(أنت ما تركز عليه) كما يقول براين تريسي.

كيف تتحكم في تركيزك؟

 للأسئلة أهمية بالغة في التحكم في عملية التركيز، فالأسئلة التي نطرحها على أنفسنا باستمرار هي التي تحدد ما نركز عليه، وما نركز عليه تحدد ما نشعر به من رضا أو سعادة، شقاء أو إحباط أو غيرها. فعلى سبيل المثال إذا خدعك شخص أو حدثت لك مصيبة والعياذ بالله، فأصبحت تتذمر وتسأل لماذا يا رب يحدث لي كل هذا؟ فما الجواب الذي تتوقع الحصول عليه؟ فكما يقال إذا كان تركيزك على الجرح فستبقى متألما، بينما إذا أصبح تركيزك على الدرس الذي تعلمته من المشكلة فستبقى متعلما.

 في أحد الأيام كنت جالسة مع  امرأة حديثة الزواج، وكانت تعاني من اختلاف أسلوب حياتها مع زوجها واختلاف طباعهما، واستوقفني قولها، أنها تسأل نفسها بين الحين والآخر (هل أستطيع أن أكمل حياتي معه أم لا؟)، والسؤال هنا يركز على حالة الشك الموجودة في داخلها، مما يؤدي إلى تقوية هذه الحالة، فطلبت منها أن تعيد صياغة السؤال بالشكل الآتي: كيف أستطيع أن أكمل حياتي معه؟ هنا يكون التركيز على الطرق والأساليب التي تساعدها للوصول إلى حل في التعامل مع زوجها. فالتركيز الآن أصبح على الحل وليس على المشكلة.

فالسؤال يقوم بثلاثة أشياء:

  • يحدد ما نركز عليه، ثم يحدد ما نشعر به أوتوماتيكياً.
  • يحدد ما نقوم بحذفه.
  • يساعدنا للوصول إلى المصادر الموجودة بداخلنا.

إذن، فالنراقب الأسئلة التي نسألها لأنفسنا، لأنها سبب سعادتنا، وهي من أسباب تحقيق النجاح والوصول إلى الحياة التي نريدها، أو الحالة النفسية التي ترضينا[1].

ملاحظة: بعض من أفكار المقالة متأثر بمحاضرات المدرب العالمي توني روبنس.

 

Advertisement

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s